كتب: محمد عبد الحميد
لم يولد وفى يده ملعقة من ذهب فلاح مصرى أصيل ارتسمت على وجهه ملامح المصرى بكل مافيها من العزيمة والصبر والقوة والشجاعة وحمل قلبه الطيب الرقيق الكثير لشعبه وبلاده وضعته الأحداث فى ظروف صعبة فتصرف بعبقرية شديدة ومات والناس حوله مختلفون بين مؤيد ومعارض لكن التاريخ أبى إلا أن ينصفه ويعيد له حقه المسلوب
وقبل أن استطرد فى الحديث فانه من الإنصاف حينما نتعرض لسيرة قائد أوزعيم بالنقد والتحليل من أجل التقييم أن نضعه فى ظروف عصره التى عاشها والمعطيات الدولية فى ذلك الوقت والإمكانيات التى كانت متاحة له وكيف تصرف من خلالها
ورث السادات تركة ثقيلة عن عبد الناصر سيناء احتلتها إسرائيل والجيش شبه منهار تقريبا بعد أن فقد الكثير من جنوده ومعداته ومعنوياته فى67 والشعب محبط فلا يكاد يخلو شارع فى مصر من شهيد أومصاب والاقتصاد أنهكته الحرب والشارع المصرى بعد هذا كله يغلى مطالبا بالثأر متهما السادات بالتلكؤ والهروب من المسئولية
تقدم السادات وتحمل المسئولية فى تلك الظروف الصعبة وفاجأ الجميع فى السادس من أكتوبر سنه 73 بضربة موجعة لإسرائيل وهى معجزة عسكرية حقا لجيش مهزوم استطاع أن يعيد بناء نفسه فى ست سنوات فقط بعد الهزيمة وينتصر وللأمانة فان السادات حينما اصدر قرار الحرب كان يعلم حدود قوته وإمكانياته فحينما اصدر قرار الحرب قال فيه (يتم توجيه ضربة عسكرية للقوات الإسرائيلية فى حدود إمكانيات القوات المسلحة وبما يحقق اكبر قدر من الخسائر )
بعد الحرب دخل السادات فى مفاوضات مع إسرائيل انتهت بتوقيع اتفاقية السلام وبعدها تعرض السادات لحملة شرسة داخليا وعربيا ففى مصر انقلب الكثيرون عليه ووصفوه بالخيانة وقذفوه بأبشع الألفاظ وأقذرها وخرجوا بالمظاهرات فى كل مكان وانتشرت التيارات المختلفة التى أدخلت البلاد فيما يشبه حالة الفوضى شيوعيون وناصريون وإسلاميون وغيرهم وفتنة طائفية كادت أن تشتعل وجامعات حولها المغرضون إلى ساحة حرب وأبواق مسعورة تغذى الفتنة الطائفية وتأكل فى جسد الوطن وعربيا قاطعت الدول العربية مصر ونقلت مقر جامعة الدول العربية إلى تونس
وقف السادات يتألم مما يحدث أمام عينيه من بعض أبناء شعبه فلم يكن يتوقع أبدا أن يكون هذا هو رد الفعل على ماقام به لقد تأثر كثيرا مما رأته عيناه فتحول فى آخر أيامه إلى الصوم والعزوف عن الطعام
بدا السادات يوم استشهاده نحيلا شاحبا وفى قلبه لوم وعتاب على بعض بنى وطنه وعروبته الذين أنكروا ماصنع وقذفوه بأبشع الالفاط وأقبحها
وقف السادات بطلا شجاعا أمام رصاصات غادرة ولم يتألم منها لكن ما آلمه وأدمى قلبه حقا ما وجده من نكران وجحود من أشخاص كان يتمنى أن يقدروا مافعل
مات السادات وهو يشعربمرارة ظلم شديد وقع عليه بعدما تحمل المسئولية فى ظروف صعبة لكن المولى كتب له الشهادة فى يوم نصره وكأنه استشهد مع جنوده
مات السادات وهو يعلم أن التاريخ سيلفظ الخونة والجبناء ويسجل بأحرف من نورسيرة أبطال ضحوا بكل شئ من اجل وطنهم
تحية فخر وإعزاز وتقدير الى روح بطل الحرب والسلام والى أرواح شهدائنا الأبرار الذين روت دماؤهم الزكية تراب سيناء الطاهر لتكتب لنا ملحمة تضحية وفداء من اجل عزة مصر وكرامتها